لماذا تختلف صورة الله في العهدين القديم والجديد؟

 لماذا تختلف صورة الله في العهدين القديم والجديد؟
  • المصدر: Got Questions
  • تاريخ النشر: 18/09/2018
  • القسم: اسئلة عن الله

 إني أعتقد أن هذا السؤال يبين لنا أن هناك عدم فهم أساسي لما يعلن لنا العهد القديم والجديد عن طبيعة الله.  وطريقة أخرى لتقديم هذه الفكرة عندما يقول الناس: "إن الله في العهد القديم هو إله غضب، بينما إله العهد الجديد هو إله محبة".  وحقيقةً إن الكتاب المقدس هو طريقة الله لإعلان نفسه لنا، بطريقة تدريجية من خلال أحداث تاريخية ومن خلال علاقاتهبالبشر.  هي حقيقة يمكن أن تقود إلى عثرة بعض الناس، عند محاولتهم مقارنة جزءًا ما مكتوب في العهد الجديد، بجزء ما مكتوب في العهد القديم.  ولكن، عندما يقوم المرء بقراءة العهدين القديم والجديد بصورة كلية، يمكنه أن يتحقق من أن صفات الله متوافقة، ومتطابقة في العهدين إن كانت تعبر عن غضب أو محبة.


فعلى سبيل المثال: من خلال العهد القديم نرى أن الله "الرَّبُّ إلهٌ رحيمٌ ورَؤوفٌ، بَطيءُ الغَضَبِ وكثيرُ الإحسانِ والوَفاءِ. حافِظُ الإحسانِ إلَى أُلوفٍ. غافِرُ الإثمِ والمَعصيَةِ والخَطيَّةِ." (خروج 34: 6؛ عدد 14: 18؛ تثنية 4: 31؛ نحميا 9: 17؛ مزامير 86: 5، 15؛108: 4؛ 145: 8؛ يوئيل 2: 13).  وفي العهد الجديد نرى أن حنان ورحمة الله تأخذ صورة أخرى، أكثر كمالًا من خلال إعلان الله لنا: "لأنَّهُ هكذا أحَبَّ اللهُ العالَمَ حتَّى بَذَلَ ابنَهُ الوَحيدَ، لكَيْ لا يَهلِكَ كُلُّ مَنْ يؤمِنُ بهِ، بل تكونُ لهُ الحياةُ الأبديَّةُ" (يوحنا 3: 16).  وأيضًا نرى في العهد القديم، أن الله يتعامل مع شعب إسرائيل كأب محب.  وعندما ارتكبوا الخطية عن عمد، وتركوا عبادة الله لعبادة آلهة أخرى، قام الله بتوبيخهم.  ولكنه، أيضًا نجاهم وأنقذهم في كل مرة رجعوا وتابوا فيها إليه.  وبنفس الطريقة يتعامل الله مع المسيحيين في العهد الجديد.  فعلى سبيل المثال: عبرانيين 12: 6، 7 يقول لنا: "لأنَّ الّذي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يؤَدِّبُهُ، ويَجلِدُ كُلَّ ابنٍ يَقبَلُهُ. إنْ كنتُم تحتَمِلونَ التّأديبَ يُعامِلُكُمُ اللهُ كالبَنينَ. فأيُّ ابنٍ لا يؤَدِّبُهُ أبوهُ؟".


وبنفس الطريقة نرى في العهد القديم غضب وقضاء الله على الخاطئ الغير تائب.  وكذلك في العهد الجديد فإننا نرى: "لأنَّ غَضَبَ اللهِ مُعلَنٌ مِنَ السماءِ علَى جميعِ فُجورِ النّاسِ وإثمِهِمِ، الّذينَ يَحجِزونَ الحَقَّ بالإثمِ" (رومية 1: 18).  وحتى بالقراءة السريعة في العهد القديم، نرى أن الرب يسوع يتحدث عن الجحيم أكثر من السماء والنعيم.  فمن الواضح أن الله واحد سواء في العهد القديم أو الجديد.  والله بطبيعته لا يتغير.  وفي حين أننا يمكن أن نرى بعضًا من صفاته في بعض الأجزاء والآيات أكثر من صفاته الأخرى، هو لا يتغير.


وعندما نبدأ في قراءة ودراسة الكتاب المقدس، يتضح لنا أن الله هو نفسه المُعلن لنا في العهدين.  وبرغم أن الكتاب المقدس يتكون من 66 كتابًا (سفرًا)، كُتبوا في ثلاث قارات، وبثلاثة لغات مختلفة، في وقت زمني يبلغ أكثر من 1500 سنة، من خلال 40 كاتب مختلف (من مهن وأماكن مختلفة).  ولكنه يظل كتاب موحد من البداية إلى النهاية من غير أي تناقض. و فيه نرى كيف يتعامل الله بلطف ورحمة مع الإنسان الخاطئ في مواقف متعددة.  حقاً إن الكتاب المقدس هو رسالة محبة من الله إلى البشرية.  ومحبة الله لخليقته، وخاصة للبشر، تظهر واضحة في الكتاب المقدس.  ونرى أيضًا أن الله يدعو البشر إلى علاقة خاصة وحقيقية معه.  وذلك ليس نتيجة لاستحقاق لهم، ولكن لأنه رحيم وعطوف، ولأنه بطيء الغضب، ووافر في المحبة والرحمة والحق.  ولكننا أيضًا نرى إلهًا قدوسًا وبارًا، وهو يدين كل الذين رفضوا أن يؤمنوا به، والذين التفتوا إلى عبادة آلهة أخرى من صنع أيديهم أو عقولهم، بدلاً من أن يعبدوا الإله الحق والأوحد (رومية 1).


وبسبب طبيعة الله البار وقداسته ، كل الخطايا السابقة والحالية والمستقبلية لا بد أن تُدان.  ولكن الله في محبته اللا محدودة قدم ثمنًا لخطيتنا وطريقًا للمصالحة، حتى يتمكن الإنسان الخاطئ أن يتفادى الغضب والعقاب الذي يستحقه.  ونرى هذه الحقيقة الرائعة في آيات مثل رسالة يوحنا الأولى 4:  10 "في هذا هي المَحَبَّةُ: ليس أنَّنا نَحنُ أحبَبنا اللهَ، بل أنَّهُ هو أحَبَّنا، وأرسَلَ ابنَهُ كفّارَةً لخطايانا".  في العهد القديم، دبر الله نظام الذبائح التي من خلالها يمكن دفع ثمن الخطية.  ولكن الذبائح كانت حلاً مؤقتًا إلى أن يأتي المسيح ويموت على الصليب؛ كفارةً عن الخطية وفداءً للبشر.  والفادي الذي وعد به في العهد القديم ظهر بصورة كاملة في العهد الجديد، إذ هو تعبير الله العظيم المجيد عن محبته لنا، وهو إرسال ابنه يسوع المسيح.  والعهدان القديم والجديد أُعطوا لنا لأن "الكُتُبَ المُقَدَّسَةَ، القادِرَةَ أنْ تُحَكِّمَكَ للخَلاصِ، بالإيمانِ الّذي في المَسيحِ يَسوعَ" (تيموثاوس الثانية 3: 15). عندما نقوم بدراسة العهدين بعمق، نرى أنه من الواضح أن صورة الله لم تتغير من العهد القديم إلى العهد الجديد.